إن طهارة أو نجاسة الكلاب هو موضوع خلافي بين الفقهاء، فَقَدْ تَنازعَ الْعلَماءُ فِيهِ عَلَى ثلَاثةِ أَقْوالٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ طَاهِرٌ حتَّى رِيقه وما تولد عنه من رطوبات وَهَذَا مذْهَبُ المالكية والظاهرية والإباضية، وَالثَّانِي: نَجِسٌ حَتى شَعرُه وهَذا هو مَذْهَبُ الشيعة والشَّافعيِّة وإِحدَى الروَايَتَينِ عَنْ أَحْمَد بن حنبل وقد ضعفها ابن تيمية
وَالثّالِث: شعْرهُ طَاهِر وَرِيقه نَجِس وهَذا هو مَذْهَبُ أَبِي حنيفة وَأَحْمَد بن حنبل فِي إحْدَى الروَايَتَينِ عَنه وهذا أَصَحُّ الْأَقْوَالِ عنْهُ
لم ينفرد المالكية في القول بطهارة الكلب، وقد وافق المالكية كبار علماء السنة ومنهم: داود والزهري والثوري،
والشوكاني والإمام الشافعي ابن المنذر النيسابوري
أَمَّا علمياً فقد ثبت أنّ لعق الكلاب للجروح قد يساعد على شفائها
وفي الواقع، فإن لعاب الكلب قاتل بكتري للبكتيريا الإشريكية القولونية والعقدية، ولكنه لا يقتل البكتيريا العنقودية أو الزائفة الزنجارية
وبهذه الأبحاث العلمية يستدل المعاصرين على طهارة لعاب الكلب بالإضافة إلى نصوص القرآن والسنة النبوية
الشرع ورد في القران نص : يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ ۖ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ۙ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ ۖ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ المائدة 4
لم يرد نص صريح السنة النبوية يُستدل به على نجاسة الكلب
وقد أختلف العلماء في هذه المسالة لعدم توفر النص الصريح، فذهب الحنابلة في الآصح عنهم، والأحناف إلى نجاسة سور الكلب وطهارة بدنه، وذهب المالكية والظاهرية إلى طهارة سؤره وبدنه، واحتج الشافعية بنجاسة الكلب بحديث أبي هريرة عن النبي محمد، إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه ثم ليغسله سبع مرات
ورد الزهري وداود: إن غسل الإناء من ولوغ الكلب إنما يكون تعبداً
وَحكي هذا عن الحسن البصري وعروة بن الزبير
طهارة الكلب بعض الأدلة من القرآن والسنة النبوية مما يستدل بها على طهارة الكلب ويتضمن ذلك أجازة تربية وإقتناء الكلب
الذين ذهبوا بطهارة شَعر وسؤر الكلب فهم المالكية والظاهرية والإباضية، وقد ذهب إلى هذا القول علماء كبار منهم: الحسن البصري وعروة بن الزبير ومالك بن أنس وداود والزهري والثوري والشوكاني والإمام الشافعي ابن المنذر النيسابوري وابن حزم
استدل مالك وداود والزهري على طهارة الكلب عينه وريقه بالنص القرآني :يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللّهُ فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُواْ اسْمَ اللّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ .وقالوا لَوْ كَانَ نَجِسًا لَأَفْسَدَ مَا صَادَهُ بِفَمِهِ، وَلَمَا وَرَدَ الشَّرْعُ بِإِبَاحَتِهِ ، فدل ذلك على طهارة ريقه
روي عن ابن عمر في صحيح البخاري: مما استدل به على طهارة، أن الكلاب كانت تقبل وتدبر في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن شأنها وضع أفواهها بالأرض ، ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإخراجها ، ولا بغسل ما مسته من أرض المسجد
روي عن أبي هريرة في صحيح البخاري: أن رجلا رأى كلبا يأكل الثرى من العطش ، فأخذ الرجل خفه فجعل يغرف له به حتى أرواه ، فشكر الله له فأدخله الجنة، حديث صحيح هذا الحديث مما يستدل به على طهارة الكلب عند المالكية ، فإن الرجل سقى الكلب في خفه ، واستباح لبسه في الصلاة دون غسله ، إذ لم يُذكر الغسلُ في الحديث ، وشرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد ناسخ
روي عن أبي هريرة في سنن الدارقطني: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحياض التي تكون فيما بين مكة والمدينة , فقيل له : إن الكلاب والسباع ترد عليها , فقال : " لها ما أخذت في بطونها ولنا ما بقي شراب وطهور "، صحيح فدل هذا الحديث على طهارة الكلب من وجهين
أحدهما : أنه جمع بينه وبين السباع فلما كان السبع طاهرا كان ما جمع إليه في الحكم طاهرا .والثاني : أنه جعل ما بقي من شربه طهورا ، وقد يكون الباقي قليلا ، ويكون الباقي كثيرا
سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِٱلْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ فَلاَ تُمَارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِرَآءً ظَاهِراً وَلاَ تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِّنْهُمْ أَحَداً
يُستدل بها على جواز إقتناء الكلب في البيت، فكيف يكون لهم كلب وهم اطهار مؤمنين والكلب نجس، وشرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد ناسخ
تعليقات
إرسال تعليق