أثر برامج التلفزيون على الاسرة بقلم: د
خولة القزويني البرامج اليومية أصبحت قوة مؤثرة على الأسرة، بدءاً من الرسوم المتحركة ومروراً بالمسلسلات والبرامج الحوارية وحتى الأغاني الخليعة فهي في مجملها تشدّ فئات مختلفة من الثقافات والأعمار، ولكن بإمكان هذه البرامج أن تكون أدوات بناء وتربية فيما لو تمّ إعدادها وتقنينها بالشكل المهذب والهادف، فأطفالنا أكثر فئة مظلومة لأنهم مبرمجون على تلقي هذا الهراء المدبلج من ثقافات مختلفة، فالرسوم المتحركة لا تحتوي إلا على مفاهيم خاطئة وهدامة وكذلك المسلسلات والتي هي عبارة عن قصص مأساوية قائمة على الصراخ والضرب والانحراف المؤثر سلبا على الأطفال والمراهقين، وأخيراً البرامج الحوارية التي يستعرض فيها المحاورون عضلاتهم الفكرية وبشكل متكلف وممجوج
والسؤال هنا :الى أين تتجه بنا هذه البرامج ونحن ننسلخ تدريجيا عن ذوقنا الانساني المتحفظ ونتجرد عن هويتنا حتى صرنا مسخ مشوه فهذه البرامج جعلت المتلقي مشلول الفكر ، عاجز، مستهلك يبدد وقته الثمين بهذا الغثاء حتى الهدر للطاقة والجهد
فالتلفزيون صار جهازاً مدمرا يسلب طاقة الاسرة فيتناهبها الكسل والخمول والتخدير، يقول ستيف تشاندلر: حاول أن تتذكر ما شاهدته في التلفزيون وأثر ذلك على الجانب الملهم في المخ، هذه البرامج تفقد الإنسان رغبته في العلم وفي المطالعة وفي القراءة، وهي تسلب طاقة الانسان الروحية وتبرمج مخه دوما وفق عروضه الخاطئة والأفكار السلبية المطروحة، ويضيف أيضاً في كتابه ((إعادة ابتكار نفسك)) حول هذه التجربة: كان لأخي متجر شهير للقمصان المعروضة للبيع كتب على واحد منها ((تخلص من تلفزيونك ) اشتريت هذه القميص الذي رسم عليه تلفزيون منفجر ومازال القميص هذا يثير أعصاب الناس كلما ارتديته وانا امشي في الشارع لهذااعتقد انك تستطيع أن تغير حياتك لو قررت ان تغلق تلفزيونك في إحدى الأمسيات لتترك حياتك ان تكون العرض الحقيقي الذي تتعلق به لا عروض الآخرين على الشاشة، فالعقول ممتلئة بهذا الهراء الذي يكثر هذه الأيام سواء في برامج التلفزيون أو الأفلام أو الصحف والمجلات فبعض المجلات الهابطة تتخصص بعرض الجرائم والفضائح والجنس الرخيص والأجساد المصنعة، وصار المجرمون،و أصحاب الفضائح، والفنانون من الدرجة الهابطة هم من يحظون بالدعم الإعلامي والتغطية التلفزيونية المكثفة، فقد كتب جاري لاشمان الكاتب الأمريكي الشهير مقالا بعنوان ((رفض العالم والرومانتيكيين)) ((من يحظى بالتغطية التلفزيونية هم المجرمون وليس الآلاف من الذين يحققون ذواتهم ويعملون بهدوء ومن دون ان يعرفهم أحد، وتأثير هؤلاء ليس كتأثير المجرمي يتبع/:: )) ((من يحظى بالتغطية التلفزيونية هم المجرمون وليس الآلاف من الذين يحققون ذواتهم ويعملون بهدوء ومن دون ان يعرفهم أحد، وتأثير هؤلاء ليس كتأثير المجرمين واعتقد ان هذا هو الذي سيشوه وجه القرن المقبل)) فالإنسان أصبح مبرمجاً عقليا وفق الأخبار والأمثلة السلبية المطروحة أمامه والتي يمتصها عقله اللاواعي كل يوم فتصبح إدماناً و ونمط مرضي يبرمج حياته الى حد الاستلاب القهري لوعيه وارادته، فالترف الفكري الذي يعيشه المتلقي وهو يستهلك عروض البرامج على اختلاف أشكالها وصورها قد جعلت عقله كالإناء الفارغ الذي تلقى فيه النفايات والسموم الضارة والفاسدة ، لهذا ينبغي أن يقرر كل منا استبعاد النواحي السلبية لهذه البرامج وأن يتخذ خطوة جادة وعميقة بعيداً عن التضليل والتغييب ،فحياتنا
ثمينة تستحق ان نشكلها بقراراتنا وأفكارنا لا من خلال برمجة عصبية مفروضه علينا من تأثير شاشات التلفزيون المتحكمة فينا والتي نظنها المتنفس الوحيد لإحباطاتنا اليومية والمخدر السحري لآلامنا، اذ يفترض بنا أن لا ننخدع بهذه النشوة الزائفة .
فمن يسعدنا على الشاشة في هذه اللحظات القصيرة هو أتعس الناس وأكثرهم شقاء وأن العملية بمجملها تجارية بحتة تستنزف جيوبنا من خلال العزف على وتر الأهواء والشهوات
يقول الإمام الحسن ابن علي عليهما السلام : عجيت لمن يفكر في مأكوله ولايفكر بمعقوله
تعليقات
إرسال تعليق